الشركات الناشئة والابتكار
شكلت إضافة «الابتكار» إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتصبح «وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار»، دلالة واضحة على ضرورة الانتقال إلى مرحلة يتم الربط فيها بين التعليم بشكل عام والتعليم العالي بوجه خاص بقضايا البحث العلمي والابتكار بوصفه أبرز تجليات الحداثة المعرفية والتقنية في العالم المعاصر.
في هذا الإطار يأتي الاهتمام ضمن رؤية عمان المستقبلية «2040» بضرورة إحداث تحولات في بنى المعرفة والاكتساب بحيث تتم الاستفادة من معطيات العصر في تحريك الاقتصاد الوطني، عبر الاستفادة من طاقات الأجيال الصاعدة والشباب، وتوظيف الإمكانيات العصرية لا سيما التقنية وأدوات الذكاء الاصطناعي.
في الفترة الأخيرة لا سيما مع العام الحالي الذي شهد جائحة كورونا فقد برزت العديد من الأفكار ووجهات النظر وبعضها أمور تطبيقية تدعم مشروع الابتكار في عمان، بالاستفادة من شبكة الإنترنت وعبر تطبيق تقنيات التواصل عن بعد كما حدث في أغلب دول العالم، كذلك تحريك آليات المكتب غير التقليدي الذي يقوم على التواصل غير المباشر بين البشر، بتوظيف تقنية التواصل المرئي، كذلك أفكار التجارة الإلكترونية التي تم دعمها بشكل أكبر في المرحلة الأخيرة مع ظروف كورونا، وغير ذلك من المشروعات التي تسير في الفكر المستقبلي المرتجى.
ضمن هذا المناخ تبرز أفكار ريادة الأعمال وأهميتها في الاستفادة من مجمل هذه المتغيرات، وحيث إن واقع الأزمة يمكن أن يساهم في بلورة الوعي الجديد الذي يساعد في استلهام كل ما تأتي به التقنية الحديثة من أدوات وآليات تساهم فعليًا في إحداث التحول المنشود بالانتقال إلى واقع إنتاجي جديد غير تقليدي.
هذا أيضًا يتيح رد الاعتبار للعلم والمعرفة والتعليم عمومًا وأدوات البحث العلمي، بحيث يبرز هنا موضوع الشركات الناشئة التي يكون ممكنا دعمها لكي تتطور لتصبح ذات دور واضح في المجتمع والحياة عامة، بالتالي تساهم في مسارات التنمية المستقبلية عبر إبداع فكر جديد خلّاق عماده مسألة الابتكار التي تظل هدفًا استراتيجيًا في المرحلة المقبلة في إطار تنفيذ رؤية «عمان 2040».
في ظل الحديث عن الشركات الناشئة يمكن الانتباه إلى أهمية هذا القطاع وحيويته في ظل الاقتصاديات الجديدة، لا سيما في السنوات المقبلة، وهو تيار عالمي اليوم يتحرك في الكثير من الدول بالاستناد إلى فكر وقاد عماده الشباب وعقولهم الوثابة التي تحاول الوصول إلى حلول ابتكارية غير مسبوقة تكون ذات أثر نفعي أكبر وفائدة أشمل، تعم قطاعات أوسع من الناس، إذ غالبًا ما تبدأ الأفكار صغيرة ثم تكبر وتتسع عبر الدعم والمثابرة والاشتغال عليها، كما أن طبيعة الأدوات العصرية تتيح مثل هذا الشيء في إمكانية التطور السريع بالاستفادة من تقنيات الإعلام الجديد وطرق الدعاية والإعلان.
إننا في عصر يتسم بضخ كبير في المعلومات والمعارف المتاحة أمام الجميع، إذ يبقى على الفرد كيفية الاستفادة من هذا الزخم الكبير بحيث يكون له أن يخرج بفكر جديد مستوحيًا الإمكانيات المتاحة في البيئة والموارد المحلية، وسواها من كافة السبل التي تساعد في نهاية الأمر على توليد مشروعات ابتكارية جديدة قادرة على إيجاد حلول لموضوعات محلية تتسع لتكتسب البعد العالمي، في الوقت نفسه فإن هذه المشروعات يكون لها المردود الذي يساهم فعليًا في تنشيط الاقتصاد وتنويع مصادره.